كذلك المقدور بالنسبة لما قدره الله عز وجل إنما أراد الله به الغاية الحميدة، فيكون خيرا باعتبار تقدير الله له وشرا باعتباره مقدورا له أو مقدرا له، فهناك فرق بين التقدير والمقدر، أظن واضح إن شاء الله ؟ طيب.
هذه المشكلة العويصة ألهبتْ فكر الإنسان منذ فجر الإنسانية، ورمته بين أنياب الصراع، تعتصره الهواجس، وتُحطِّمه الشكوك والظنون، وهو حائر حائر، لا يجد لنفسه دليلاً ولا مرشدًا.
ومن هنا رفض الإسلام كل العقائد اللادينية وسفَّهها، وأثبت زيفها وضلالها؛ فليس هناك شرٌّ محض، ولا خير محض، بل لعله لا شر قطُّ، ولا خير قط، وإنما نفس الإنسان تُولد صالحة مؤمنة، فإن ضلَّت فهي ضالة كافرة.
وتبعاً لذلك نقرر: أن كل ما يعود على تلك المواهب والملكات الباطنة ـ أي: على ذلك الكائن الروحي ـ بآفات العلل والهلاك، وعدم الاستمداد من مورد الحياة الحق، فهو شر.
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الري... - ابن عثيمين
.. وخير للمجتمع، لأن تلك الحقيقة بما لها من حواس روحية إنما هي كائن حي، يقوم في قيم الحق وأفق الصفات، على ما يقوم به شخصنا الحسي في قيم المادة، وأفق الاقتصاد... فإذا كان شخصنا الحسي ـ بما له من جوارح ومواهب عادية ـ هو عدتنا في الإنتاج الاقتصادي... فهذا الكائن المعنوي ـ بما قرر له القرآن الكريم من حواس وملكات للوعي الروحي ـ هو لا غيره، عدتنا في إنتاج مثل الحق، وإبداع القيم العليا، التي لا قيام لمجتمع ما بدونها.
وتلك الدلالة الأخيرة لا تدرك بانفعال غريزة، ولا بمجرد المشاهدة، بل بالتأمل في قدر صنعة الصانع، وما تتضمنه من الشر في الخير آثار حكمته، وقدرته، وعلمه، وفضله، ورحمته، وكرمه ووده، وعدله، وإحسانه... ونحوه...
من القضايا الأزلية التي حيَّرت الإنسان وأرهقتْه، وبدَّدت قواه العقلية ومزَّقته: قضية الخير والشر.
كيف يكون في قدر الله شر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الشر ليس إليك الشر ليس إليك ؟
الإيمان بالقدر خيره وشره هل يتضمن الإيمان بكل مقدور؟ مهو من حيث، ليس من حيث أن الله قدره ولكن من حيث الرضا به؟ لا، المقدور ينقسم إلى كوني وإلى شرعي:
منهج العمل في الموسوعة تمَّ تحكيمُ موسوعةِ اللُّغةِ العربيَّةِ من
شأنهم وشعورهم لأول وهلة، كحال وشعور أبوي الغلام القتيل بلا ذنب جناه، وشأنهم شأن أرباب السفينة التي خرقها بين أيديهم رجلا أسدوا له جميلا، قابل إحسانهم باتلاف مركبهم الوحيد، قبل ان يترجل عنه.
وممَّا تقدم ندرك أن للخير مفهوماً معنوياً غير مفهومه الحسي المعهود... وأن للشر أيضاً مثل
وكذا في هذه الحرب التي عشنا ونعيش لأشهر خمس صوراً من ويلاتها ومراراتها الفاجعة، هي فعل منكر بالتأكيد، من الطبيعي أن تأباه وتكرهه نفوس النساء والرجال الأسوياء، وإن إنطوت علي شيء من خيرٍ، يظل خيرا وإن لم نراه، ولذا فإن هؤلاء الرجال والنساء يتصورون ان هذه الحرب الي الآن علي الأقل محضُ شرٍ، لا يجدون في غضونه، أو يلتمسون بين ثناياه وتضاعيفه، أي بارقة أمل، أو أدني صورة خير.